الأربعاء، 31 ديسمبر 2008


في رُفقةِ المُعَـزين


1
هكذا مثل جبابرةٍ في متحفِ الشمْع
هكذا كدينصوراتٍ طمَرَهَا الطمْيُ
هكذا في أقصَى درجاتِ التشبث بالشهيق
لحظة فقدٍ متبادلٍ
هكذا
تأتي الحكاياتُ في الطريق
في مداراتِ القصص
أخفي كما تخفون
أخفي كما تخفين
أخفي كما يخفون
مرارة اليقين
نحن لم نتعارفْ بعدُ

2

هذه المدينة ليست عزيزة علينا
مدينة عدوانية
تجمِِع ألهة موصُومين بالعَار
تعملُ جاهدة
لتمتص أجسَادَنا

3

توهمتُ بعدَ فجيعةٍ حقيقيةٍ
والمارينزُ يدوسون بغدادَ في نهار مُشمِسٍ
أن إطلاق لفظةِ المُقدس
على جسدك المُرتبك
يصنعُ خارطة جديدة
تملأ حيزا كاملا !!
كيف تستقر أمك على اختيار أحادي
وتضع الألغام المخادعة
في أذني؟!

4

ترتقين درجة أخرى
وأنتِ أسيرة على مقعدك
انهيار العالم لم يكتمل
رُبما حرية أخرى في
في التخلي عن الجنسية
سَجََانوك مرتبكون تماما
مُري ببهاءِ حضورك
بقوةِ بقائكِ
مُري مِن نافذةِ الموت

5

إلى هذه الدرجة
أحِبُكِ ؟!
في الحلم ؟
في الوقائع التي لم يتم الـتأريخُ لها؟
في الوقت الذي لم ترْصُدْهُ الحكومات؟
في الطوفان الذي لن يمهل اكتمال السفينة؟

6

مثل أي كائن حَي
مُعَرض للحياةِ وقتا أطول
وللموتِ والنسيان
فتشت عن معنايَ
فأجْهَشنِي البكاء
التحركُ بعكازين
يؤكدُ انتظارَ مسابقةِ العُمْيَان
المأجورون طواعية فتحوا قمصانهم في الميادين
غير عابئين بالتماثيل الحجريةِ
ارتعدوا بإيمان حقيقي
بالأمس !

7

عندما يمُرُ الوقتُ بعيداً عن الأحْدَاثِ
سوفَ نستغربُ
كيفَ قدمَ هؤلاء الوردَ للمُحْتل؟
وكيف جلسَ هؤلاء معهم حول طاولةٍ واحدةٍ
وكيف ظل هؤلاء يتابعون الأحداثَ
في المَقاهِي,
وغرف النوم وأثناء الوجبات,
وكيف اتسعَ الوقتُ للكتابة ؟!

8

الوقت مناسبٌ الآنَ لحربٍ شاملةٍ
وشرسةٍ
ألسْنا الآن من الأعداء؟؟
يا إلهي!!

الثلاثاء، 30 ديسمبر 2008

40 ْ مِئويَة ًوَرُطوْبَة كافِيَة للحَذر

40 ْ مِئويَة ًوَرُطوْبَة كافِيَة للحَذر

الشباكُ نِصْفُ مَفتوح ٍ
ثابتٌ فِي وَهَج الشمس ِ
لمْ يَدْفعْ أحدٌ البَابَ للأسف
صَوْبَ لا شيءَ أتمَرنُ
لمُوَاجَهةٍ أكيدةٍ بحَجْم ارتِباكٍ

حَرْبٌ مُقدسَة ٌ
ضَدَ هَشاشةِ المَيَادِين

الانسِحَابُ مَدفوعٌ إلى البَيْتِ
عَسْكرُ الأمْنِ المَرْكزي مُصَابٌ بالفصَام
نَختزلُ المَسَافة فِي هُتافٍ عَنيفٍ
حَوْلَ جُثةٍ نافقةٍ
الشوارعُ تلهثُ بالوجُوهِ الطائشةِ
رَبَاطة جَأش العِصِي يقتحِمُ الذاكرةَ
مُقاوَمَة كامَلة للوُقوْفِ فِي الوَسَطِ
رَبكة الرئتين عَارٌ مُبَررٌ
بَيَاضٌ بَاهِرٌ يَدْفعُ لإغمَاض العَين
مِسَاحَة صَغِيَرَةٌ من السَمَاءِ خَلفَ العَمَائِر
أكادُ أرَىَ نَمَشَ الضوْءِ يَمْلأ الفرَاغ
شٌجَرَةُ مَانجُو مُثمِرَة ٌ
تترُكُ أعْضَاءَهَا مُترَهِلة بيْنَ بيْتين
أمُدُ يَدَيَ عَلى قطِيفةٍ مُزَرْكشةٍ
أضْغَط ُ
أتحَسَسُ صُنْدُوقاً مُسْتَطِيلاً مِنْ خَشَبٍ
أضْغَط ُ
وَلا أعْبأ برَائِحَةِ احْتراق نَسِيج ٍ
مَوْتىَ آخَرُونَ
يَهُزُونَ أرْجُلهَمْ فَوْقَ أرْفُفٍ مُتربَةٍ
رئتايَ تتصَيدَان الأكسُوجين
بالتوازي
كانوا يُوَزعُونَ التعَاطفَ فِي المْرَحَلةِ الأخيرةِ
قبلَ سُقوطِ التمَاثيل
مَنْ يَدْفعْ البابَ
بقوةٍ

الأحد، 21 ديسمبر 2008

لمْ أكَنْ حَاضِرَاً وَقتَ توْزيع الأدوَار

لمْ أكَنْ حَاضِرَاً وَقتَ توْزيع الأدوَار

1 يَمْشِي مُعتدِلَ القامَةِ مِثلَ صَليبٍ


بعَينَين مُنتفختين

أزَاحَ الغِطاءََ

قدَماَهُ البَيْضَاوَان ترْسُخان عَلىَ المُوكِيت.

فِي المِرآةِ

ضَغَطتْ أصَابعَهُ فوقَ الانتِفاخِ

تحتَ عَينيهِ

تهَذبُ حَاجبَيهِ و لِحْيته البَيضَاءَ

يَضَعُ الصَّليبَ الخشبيَّ عَلىَ صَدْرهِ بيُسْرَاهُ

في رَحَابةِ الطريق

كلمَا مَرَّتْ دَقائقُ الصَّبَاحِ الأولىَ

تسَرَّبَ الانتفاخً تاركاً اهْتِرَاءً مُلتهبا

فوقَ وجنتيهِ

يَسْتدعِي ثبَاتَ نظرَتِهِ عَبْرَ زُجَاج نافذةِ المِترُو

يَنشرُ أريجَ وَجْدِهِ, يَسْتجدِي مَلائِكة الرَّبِ

وَسَط التحام الأكتافِ

أدْفعُ أحَدَ المَارِّينَ عُنوَة ً

وَأتحسَّسُ جيبي فوق حافِظتي

مَقطوعُو الأرجُل والأيدِي وحَامِلاتُ الأطفالَ المُعَاقِينَ,

المَرْضَى والعُمْيَانُ

تجَمَّعُوا غيرَ مُكترثينَ

يَمْنحُونَ الأصِحَّاءَ امتناناً

وَسَيْلا مِنَ الدُّعَاءَ

حِينَ تُمَدُّ الأيدي بالنقودِ

ليْسَتْ هُنَاكَ هَالة مِنَ النور حَولَ أحَدٍ

لمْ يَسْتطِع مَلاكٌ وَاحِدٌ أنْ يُمسِكَ

بمقبض البَابَ الطوليَّ وَيَركَبُ

عَبْرَ مَحَطاتِ المِترو

إلىَ مُبَارَكَ مِن عَين شمْس ٍ

تمُرُّ الأسْوَارُ والسَّرَايُ والقصُورُ والخرَائبُ,

الأشجارُ والمَسَاجدُ والكنائِسُ وَالغِرْبَانُ

تمُرُّ الظِلالُ وَالفرَاغَاتُ

قبَّلَ صَبيٌٌ يدَهُ فجأة ً

واستقبلتْ رَأسَهُ يَدَ الغفران

أصَابعُ مُكتنزةٌ وَسَمِيَنة ٌ

بَيضَاءُ

تمْسِكُ بدَائِرةِ " الفيبر " لحظة اهتزاز مفاجئ ٍ

بَدَا الوَاقِفونَ مُسْتسْلِمِينَ

أمَامَ آلةِ قتل ٍ

توقفَ القطارُ

يَسْكبُ حَشداً مُتنافِراً

تحتَ سَمَاءٍ تستعِدُّ لمَحْرَقةٍ جَديَدةٍ


2 أيُُ مئذنة داخل الجلباب

كأنهُ يَصْطفي مَلائكة يَخصُّونه فقط

كأنهُ شَمعَة مِنَ الثلج

كأنه الرُّوحُ تمتصُّ جَسَدَهُ...

فوقَ مِقعَدٍ فردِي

يتكوََرُ,

الأصَابعُ تتخللَّ اللحْيَة

تفوحُ بالمِسْكِ

كلمَا حَفهُ الواقفون والشحاذون

ضَمَّ رُكبتيهِ وغابَ في ارتجافٍ أسيفٍ

لم يُعِرْ سِبابَ امرَأةٍ لشابٍ أيَّ اهتمام ٍ

الواقفون والنازلون والصَّاعدون

يتحركون بوجوهٍ جامدةٍ

بتراكم المعرفةِ اليَومِيةِ

" في المناسبة " مارسُ نِصفُ صَيفٍ

وَرَائِحَة شِتاءٍٍٍٍٍٍ

لم يكن القيظ والعرقُ قد أفسَدا الأمَرَ

يَدَي مُعَلقة, وَعَيني باتسَاعِهمَا

فقط بَناتُ الجَامِعَةِ وَقفنَ كرجَالٍ مُتنكرين

وَتحَفزْنَ لاشتباكٍ مُفتعلٍ

يَبدو المِيكبْ والأيلينرْ في انهيار

أمَام كثرة التلفتِ وَالضَّحِك

وتحَرُشُ المَنَادِيل الوَرَقِيَّةِ

حَرَّكَ رَأسَهُ كبندولٍ فوقَ رُكبَتيهِ

فِي الكِتابِ

يَطفقُ شابٌ الأرضَ

وهو يُثبتُ سَمَّاعَتي الأذن

ترْتجفُ شفتاهُ بالكلماتِ

أخطو ناحِيَة فراغ مُؤقتٍ

أحدَثتهُ المَصَادفة

الوجوه لم تختلفْ

طاقة أخرَى في التحام الأكتاف

قبْلَ أن تتبدَّدَ

كتبُ الجَامِعَةِ بينَ ثديَين مَشدُودين

يَختصِران الوقت

الجمعة، 19 ديسمبر 2008

أعمِدَة ُالأسمَنتِ

أعمِدَة ُالأسمَنتِ

1
عِندمَا هَبَط عَلىَ رُكبَتيهِ وَانحَنَىَ
يُكَوِّرُ الطمْيَ حَوْلَ لِبلابَةٍ
- في اللحَظةِ هذهِ –
نَبتتْ أصَابعُ قدَمَيهِ جُذوعاً
وَاحتوتهُ نَخلة ً...
الخَبَرُ دَفعَنِي لاستِدعَاءِ وَجْههِ
آخَرَ لِقاءٍ
والعَرَقُ الأسْوَدُ بأتربَةِ الهَوَاءِ القاهِريِّ
يَسِيلُ من جَبينهِ
يَدَاهُ تحَاولان دُونَ جَدَوىَ
الخَوفُ بدا مُرْبكاً
فتحَدَّثَ عن قريتهِ الأشبَهِ بكومَةٍ
من القشِّ وَالكائناتِ
" القاهَرةُ تعدُّ لِي شَرَكاً
عَشْرَةُ مَلايين لم يَفعَلوا شيئاً "
تتخَطفُ عينيهِ أعمِدَة العَمَائِر

في مَشهََدِهِ الأخِير انجَذبَ للخَلفِ
شاخِصَ العينين
وَامْتدَّ وَسَط رَفرفةِ عَصَافيرَ رَمَادِيةٍ
فرحَ الأوَلادُ وَتسَلقوا
فمَرَّ الوَقتُ بصُورَةٍ أوْ بأخْرَىَ

2
أخْرَجَ مِنْ تحتِ إبطِهِ صِوَرَ سَاقِيةٍ وَأبيهِ
وَصَلصَال طمْي ٍ وَدَرَّاجَةٍ بُخَاريَّةٍ وَمِنجَل ٍ
وأقلامٍ وَوَرَق وبنتٍ وَخُبز رَحَىَ
وَأرَانِبَ تتقافزُ وَمِنديلَ قمَاش ٍ
بَعْثرَهَا كلهَا فِي فِناءِ المَدرَسَةِ
فِي انتظار ابتسامةِ رضَا
يستلقي عَلىَ ظهْرهِ مُغمَضَ العَينين

" أنا استواءٌ يتجَلىَ في قبْح الطمْي وجَمَالِهِ
وَلا يكونُ أبَدَا يَا صَاحِبي
إلا طمياً...

أعرفُ أنكَ مُعترضٌ عَليَ!
- لا.
- إذن . أنتَ سَعيدٌ بي!!
- أبَداً. أنتَ هَكذا وَيَكفِي.
- كيفَ يُمكِنُنِي أنْ أرَاكَ أيضاً ؟
- مِثلَ عَامُودِ بَازلت عَلىَ مَدخل مَعبَدٍ
وَضَعَتْ جُلودُ أصَابعَ كثيرةٍ رَائِحَتهَا
وَاختلافَ ألوانِهَا
فخَمَشتهُ تعريَة الوَقتِ

3
فِي ليلةٍ مُقمرةٍ
ظلََ جَريدُ النخلةِ يَعزفُ مِثل طاحُونَةِ الهَوَاءِ
يَحْصُدُ قطراتِ البُخار خِفية ً

الصِّبيَة نَائِمُونَ فِي حُلم ٍ
يُرَفرفون,
يتقافزون عُرَاة ً
يَهُزُّونهَا
وَيَمْتلِئونَ بالغَيم.

4
مِنَ الدَّور العَاشِر يملأ عينيهِ بالمَيدَان
مِن بين أعمِدَةِ جَدَار السُّلم
لم يَرَ السَّمَاءَ وَقتهَا
تعمَلُ غدَدُ العَرق, يبْرَدُ وَيَرْتجفُ
البنتُ التي صَعَدَ لهَا
- جَلسَ يَبكِي جوار أمِّهَا –
عَقدَتْ الدَّهْشة حَوَاسَّهَا,
واعتبَرَت المشهَدَ كَسَرَاً لرَتابةٍ يَومِيةٍ,
تأمَّلتْ
يفتحُ فمَهُ بشفتين مَزمُومَتين وعَيناهُ تتسِعَان
يخمِشُ لِحيتهُ النابتة بأظافرَ صَلبةٍ

التمَاسُكُ جَعلَ ساقيهِ عُكازين
بالقربِ من حُشودٍ مُتنافرةٍ
تسَمََرَتا, وتقوَّسَ ظهرَهُ
يبحثُ عن الأرض
الغبارُ تصَاعَدَ من جَوَانِب الطريق
والأجسَادُ رَمَادِيَّة
فقط

5
يستلقي العمُّ " عُبية " فوق جسر
ينظرُ إلى طِفلهِ نخلة ً وَجَريداً
يبحثُ عن عَلاقةٍ مَا
تربط ابنهُ
بالعَصَافير الدَّقيقةِ الرَّمَادِيةِ,
حين تأخذهُ الدَّهشة لصِغرها المُبَالغ فيهِ
يقهقهُ وَقتا كافيا حتى يسعلُ بجديةٍ
يَتكوَّرُ في نومَتهِ جوارَ سَاقيتهِ الجَافةِ
يَطمئنُ لصَلابةِ الأرض تحت جَسَدِهِ النحِيل
سَاقاهُ المُلقيان خارَجَ الجلبابِ
تبدوان مُتصِلتين بجثةٍ نافقةٍ
ينكأ الأرضَ بعصَا شجَرَةٍ
وَيَنشجُ
ُيقرِّبُ عَينيهِ من الترابِ
يَرمُقُ النخلة برفع جَفنهِ لأعْلى
ويعودُ ينشجُ بقوةٍ
تقعُ دَمْعَاتٌ كبيرة بالقربِ من ركبتيهِ
يرتجفُ تحت شمس يوليو
في انتظار أن تتحوَّلَ مَرَّة أخرَى
وَتعُودُ إليهِ " مُحَمَّداً " !
الأولادُ
مَازَالوا
هُناك