كأننا الأموات نمشي بلا هدف
أين نذهب لنختفي للأبد, أو نسترد أرواحنا!!
نصوص نثرية
تواطؤ الكوميديا 1
...
فيما يرى السائرُ
مشغولا بلغَم ٍ في مَعدَتهِ
البحرُ الأحمرُ فاصلُ حَلوَى
للمولد النبوي
البوارجُ ورقٌ ملونٌ
تنسَحبُ القبائلُ لظلِّ خيمةٍ أسريةٍ
يرددون ديوان الفصاحة,
ولائم.
على أبواب المسجد
يخرج منشورٌ
يحمله تجارٌ كسَدتْ تجارتهم الأولى
ينهى الدَّعاءَ للرافضيِّ
النِقاشُ
موضوع ٌ كُلهُ
" قربان طالع, قربان نازل "
شارعان فقط
تحسَّسَ حذائي مَلامحَ الطريق
وانحرف بيقين للتسوق
أجناسٌ تتهيأ لحيز جديدٍ
لم يكونوا عليه أبدا
فقط تلحظ اللكنة
وتستشفُّ المراوغة
تتعرف إذن على الدنيا من الداخل
في عيون الرجال المهمومين
برواتبَ مُجزيةٍ
وأطفال كثيري التلفت مُغمضِي العيون
تكسو البدانة أعضاءَهم
النساء تقمصن الأدوار
حسب توقيت المدينة
وأظهرن حقدهنَّ البيئيَّ
بدَسِّ حفاضاتهن الشهريةِ
في البالوعاتِ
فخ ٌ صغيرٌ لجلبةٍ عامةٍ
ضدَّ مُجتمَع ذكوريٍّ
تتراءين
في حُضُور عُمَّال السِّباكةِ
وتجمهر جنسياتٍ
تورابورا, سوسة, نيودلهي, دارفور, حمص,..
في شرفة عزلتي حفاضة أسبوعية
غير مُعلنة المصدر من أيِّ نافذةٍ
حولَ المسجدِ
ارتفعت الفنادق والأسواق
وأظهرت وطأتها
...
تواطؤ الكوميديا 2
...
المقابرُ الجمَاعية بطاقاتُ تهنئةٍ
بين الدَّولةِ والاحتلالِ
يجلسان
بينهما طاولة, ورقعة الشطرنج,
بلا ضغينة حقيقية
فقط حماسٌ وجدية
قبل أن تستجيب الحناجر للكاميرات
الناسُ يتكومون فوق الطاولة
في الخلف
موتى بالتصديق
رُبَّما كانت جثة " السيد المرسي "
الخارج بكراهية اجتماعية إلى بغداد
منذ عشرين عاما
زُحِّفـَحتْ عن الطريق العام
كقط دهسته العَجَلاتُ
وأزعجَ مشهدُهُ المَارَّة َ
أنفه المعقوفُ بصورةٍ ملفتةٍ
لن يَدلَّ على جنسيتهِ الحقيقيةِ
لم يحظ بشاهدِ قبر
يتخذه المصريون مزارا عابرا
الآن شواهد القبور بأسماء العوائل, جملة
الفرق بين عصرين
أنني فيما يري الجالس أمام قناة الجزيرة
أواصل التدخين
مُتعمِّدا
...
تواطؤ الكوميديا 3
...
ما الفرق أن يشنق صدام في صباح العيد
أو في فبراير مثلا ؟
المتفرجون سيثيرون شغبا محدودا
كغاضبين من خلافاتٍ أسريةٍ
والنخبة يتحينون للاعتلاء
من أي متجر في الفالوجةِ
لحافُ القطن
المغلف بالساتان الأحمر؟
تقول سيدة في المساء
اليدان والوجه يتحسَّسان ملمسه
الرَّصَاصُ اقتحم نسيجه
يُمَرَّغ ُ أمامَ القصر
قبلَ أن يُلفَّ بهِ !
مساحة أكبر فوق الوجه
الساقان خارج الغطاء لإخافة الجمهور
بشجاعةٍ تجلب الحسد
أنقلُ بالريموت إلى الفضائية المصرية
عَرض " شارع محمد علي "
في الثلاثين من ديسمبر2006م
ولولا الضجيجُ الذي يحدثه " حكيم "
ومحاذيرُ طبية للحفاظ على أذنيَّ من صَمَم ٍ
لفتحتُ النوافذ والفضَائية الأولى
...
تواطؤ الكوميديا 4
...
لا تحزن هكذا
وأنت سمحت لهم
لا تصدق تعديل ( 34 ) مادة دستورية
إذ ماذا قدمتَ لنفسك ؟!
مازالت الشَّراسَة تحتَ الوسَادةِ
موقوتة على مَدار السَّاعةِ
مُستفـَز ٌ لمُحيِطِك المحدودِ
مَشهدُ قطراتِ الدِّماء أثناءَ حلاقةِ لحيتكَ
أرعبتـكَ
أيُّ مُواطـَـنةٍ ستأتيك ؟!
اقتِحَامٌ يَوْمِيٌّ لعَرَبَةِ المِترُو
1
لتكُون مُهلتكَ الأخيرة !
صَفُّ مَوْتىَ النوَافذِ مُتجَاورين
في زحاَم الأرصِفةِ
عَنَاقِيدُ مُدَلاةٌ وَجَافة
الأيْدِي
تنبُضُ أنُوفٌ فقط في مُواجَهَةِ إنَاثٍ
يَشْهَقنَ في مَقابر الأصَابع ِ
يَجْلسَان - في الانتظار- مَهْمُومَين
شَابٌ وفتاة ٌ
تتحَمَّلُ عِبْءَ سَاعِدِهِ المَفْرُودَةِ عَلى كتفِها
يُحَاولان جَمْعَ فرَاشاتٍ
لصِنَاعَةِ زَخَم ٍكَريم ٍ
صَوْتُ عَجَلاتِ القِطار يُكَرِّسُ مَسَافة أخُرَى
لعُيون زَائِغَةٍ
2
كَانت الوُجُوهُ فِي المِترو
تثيرُ دَهْشة بالفناءِ المُسْتنشقِ مَعَ الصَّبَاح
التجَاعِيدُ تبدُو وَاضِحَة ً
سَيْلٌ مِن الصَّمْتِ المُؤقتِ
والمُرَاقبةِ
كُلمَا وَضَعْتُ أصَابعِي فوقَ فمِي
أشْكرُ رئتي باستخفافٍ وحَذر ٍ
بترقبٍ على الأقلِّ
3
هَلْ رَاقبُونِي بصَرَامَةٍ وَجدِّيةٍ إلىَ هَذا الحَدِّ؟!
باطرَادٍ هكذا؟!
مَلأوا أدْرَاجَهَم بعناوينَ مُبْهجَةٍ
وَمُصَافحَاتٍ مُطرَّزَةٍ وَمَعْقودَةٍ
كَعُلبِ الحَلوَى
يُؤجِّلون قطفَ وَرَقِ الشَّجَر الذابل
يَطفقونَ الأرْضَ بقوةٍ
تُذكِّرُهُمْ بمُعَسْكَرَاتِ الجَيْش فِي السَادِسَةِ صَبَاحَاً
الوَقتُ كائنٌ نبيلٌ وَأسِيفٌ
يَومِيٌ وَمُعَاشٌ
بدَرَجَةٍ
4
كلُّ الذي أفعَلهُ
لا يَزيدُ عَنْ وَضْع قدَمٍ عَلى دَرَج ٍمُنهَار ٍ
أنا عَلى عِلمٍ بهَذا
وَأعْطِي الخَيَالَ رَحْْْْْْْْْْْْْْْْْابَة مَيدَان التحْرير
"الخَالِيَ تمَامَاً من الخَطو المُوَازيَ والمُتقاطع
وحَفِيفِِ أطر المَرْكَبَاتِ "
الإعْلانَاتُ تعمَل بيقينٍ
والجرذانُ تتعَلقُ بمَسَامِ الحَدِيْدِ
سَائِقو الأجْرَةِ, المُوَظفُونَ, بَوْابُو العَمَائِر, الجَرْسُوناتُ
الصَّحَفِيُّونَ والسُّعَاةُ, أصْحَابُ أكْشَاكِ السَّجَائِر...
أسْئِلة ليْسَتْ بَريئة أبَداً
يَدِي أصْبَحَتْ مَوْضِعَ شَكٍ
أصَّعِِدُ جَسَدِي الثقيلَ لقبْر أصََابعِي
لا يَمْنعُنِي الرَّمَادُ من الضَّحِكِ
عِندَمَا أغْلقُ بَابَ غُرفتي بإحْكامٍ مُتعَمَّدٍ
أهَيِّئُ لرُوحِي انتصاَرَهَا الخَاصَ
وأدْعُوَ أعْضَائيَ للبَهْجَةِ
رَأسِيَ فِي مَأمَن ٍ على الوسَادَةِ
والجَدَارُ حَرَسٌ لا يقبَلُ الرِّشْوَةَ
خَلفِيَ
5
رَاقَبُونِي على سَبيل الغَلط
الذِي أثارَنِي فعلاً
أننا نرَاقبهم بإصْرار وترَصُّدٍ
كُلمَا بَدَتْ سَقطاتهم نَسَتخِفُُ فِي الزَّفير الأخَير
نتأمَّلُ رَبْكَةِ القلبِ
وأثر الأدْرينَالين بعيونٍ مُغْلقةٍ
أصَّعِدُ قدَمَيَّ دَرَجَة أخرَى
مِنْ نَافذةِ المِترو هَذِهِ المرَّة
أرْقبُ
قِناعِي أشدُّ ضَرَاوة ً
بَيْنهُمْ
1
مَنْ يَدْفعْ قدَمَيَّ
للسَّيْر في شوَارعَ مَكْرُوْهَةٍ,
شاحِبَةٍ ومُتهَالِكةٍ ؟
في بُيُوتٍ لمْ تسْجَلْ عَلامَة ألفةٍ وَاحِدَةٍ
لأنَاس غُرَبَاءَ مِنْ صُلبي ؟
يُخْطِئُ التائِهُ أنْ يَِتوَقفَ لحْظة ً
في بَلدٍ تمْلأ حَلقهُ بغُصَّةٍ
وَهْيَ تمَارسُ جُمُودَهَا الأبَدِيَّ
2
في شبَكِ العَنكَبُوتِ
تنتفِضُ الأصَابعُ وتخْمُدُ
كَيْفَ أمُرُّ إلىَ حُدُودِ حُضُوركِ
والوَقتُ شاردٌ في السَّفر؟
3
توَقدُكِ
والتِمَاعُ عَيْنيْكِ
وَغُمُوضُ دَفع القدَمَيْن للحُضُور
ارْتِبَاكٌ مُؤقتٌ يَسْتَحِقُّ العَنَاء
يَدِي لمْ تزَلْ في الشّرَكِ
5
بسَبَبِ انتِهَاكِ حُرْمَةِ رُوحِي
إذ دَفَعْتها مِرَارَاً للصَّبْرِ
فلمْ تغضبْ
للغفلةِ
فلمْ تسْطعْ في تمَرُّدٍ حَقِيقيٍّ
قبلتْ الغُثاءَ اليَوْمِيَّ مِنَ الحَاكِمَ
والمُنتفِعينَ
لمْ تعُدْ صَالِحَة - أغْلبَ الظنِّ -
عندمَا أرْغَبُ في الاسْتِعَانةِ بهَا
جَسَدٌ فقطْ
- بلا مُبَالاةٍ – يَتأمَّلُ حَيَوية مَصْنوعَة ً
لمْ يكنْ في الحُسْبَان ارْتكابُ حَمَاقةٍ مُمَاثِلةٍ
بدَوَافعَ غريزيَّةٍ
للمُشَارَكَةِ في بنيةِ الانتهَاكِ
المُتبَادَلِ
5
البَهَاءُ الذي يَبْدُو فِي المَشْهَدِ
عِندَمَا تثقبُ الرَّصَاصَة جُمْجُمَتهَا
فتسْتلقِي مُصْمَتة فِي حُمْرَةِ الدَّم السَّاخِنِ,
أو تفحُّمُ الجَسَدِ فِي مَرْكَبَةٍ مُدَرَّعَةٍ
وَسَط جُنُودٍ مَطرُوحِينَ أرْضاً
والكلاشينكُوف خَامِدٌ لا يَعْمَلُ
قرْبَ طائِرَةِ الأبَاتشِي
مَقطوعِي الأيْدي
نَظرَةُ العَجْز تِلكَ فِي عُيُون المُسْعِفِينَ
تصْنَعُ الإمْكَانَ ...